روایت اصبغ بن نباته از امیر المومنین سلام الله علیه
عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ عَنْ عَلِیٍّ ع قَالَ:
هَبَطَ جَبْرَئِیلُ عَلَى آدَمَ ع
فَقَالَ یَا آدَمُ إِنِّی أُمِرْتُ أَنْ أُخَیِّرَکَ وَاحِدَةً مِنْ ثَلَاثٍ فَاخْتَرْهَا وَ دَعِ اثْنَتَیْنِ
فَقَالَ لَهُ آدَمُ یَا جَبْرَئِیلُ وَ مَا الثَّلَاثُ
فَقَالَ الْعَقْلُ وَ الْحَیَاءُ وَ الدِّینُ
فَقَالَ آدَمُ إِنِّی قَدِ اخْتَرْتُ الْعَقْلَ
فَقَالَ جَبْرَئِیلُ لِلْحَیَاءِ وَ الدِّینِ انْصَرِفَا وَ دَعَاهُ
فَقَالا یَا جَبْرَئِیلُ إِنَّا أُمِرْنَا أَنْ نَکُونَ مَعَ الْعَقْلِ حَیْثُ کَانَ
قَالَ فَشَأْنَکُمَا وَ عَرَجَ
*****
-
بررسی صدوری
- (الکافی) عَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِیَادٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ مُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِیفٍ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَةَ
- (من لایحضره الفقیه) رُوِیَ عَنْ أَبِی جَمِیلَةَ الْمُفَضَّلِ بْنِ صَالِحٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ طَرِیفٍ عَنِ الْأَصْبَغِ بْنِ نُبَاتَة
-
بررسی دلالی
-
(کنز الفوائد ؛ ج1 ؛ ص56) مسألة إن سأل سائل فقال کیف یحسن مخاطبة الحیاء و الدین و کیف یصح منهما النطق و هما داخلان فی باب الأعراض التی لا تقوم بأنفسها و لا تصح الحیاة و النطق منهما. الجواب قیل له هذا مجاز من القول و توسع فی الکلام و المعنى فیه أنهما لو کانا حیین قائمین بأنفسهما تصح المخاطبة لهما و النطق لکان هذا حکمهما و المحکی عنهما جوابهما.
-
و قد یستعمل العرب ذلک فی کلامها و هو نوع من أنواع فصاحتها قال الشاعر
امتلأ الحوض و قال قطنی «1»
مهلا رویدا قد ملأت بطنی
و نحن نعلم أن الحوض لا یصح منه النطق و لکنه استعار النطق لأنه عنده لو کان فی صورة ما ینطق لکان هذا قوله. خبر آخر فی هذا المعنى و هو المشتهر بین الخاصة و العامة
مِنْ أَنَّ أَوَّلَ شَیْءٍ خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى الْعَقْلُ فَقَالَ لَهُ أَقْبِلْ فَأَقْبَلَ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَدْبِرْ فَأَدْبَرَ فَقَالَ وَ عِزَّتِی وَ جَلَالِی مَا خَلَقْتُ خَلْقاً هُوَ أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْکَ بِکَ أُعْطِی وَ بِکَ أَمْنَعُ وَ بِکَ أُثِیبُ وَ بِکَ أُعَاقِبُ وَ عِزَّتِی وَ جَلَالِی لَا أَکْمَلْتُکَ إِلَّا فِیمَنْ أَحْبَبْتُ «2»
. فالمعنى فیه نظیر ما تقدم هو أن العقل لو کان قائما بنفسه حتى یوجد مفردا لکان أول ما یؤمر به و لم یقع خلاف للمراد منه. و هذا کله بینة على شرف العقل و جلالته و حث على وجوب الرجوع إلیه و التمسک بحججه و فی القرآن لذلک نظائر
-
و قد یستعمل العرب ذلک فی کلامها و هو نوع من أنواع فصاحتها قال الشاعر
-
(شرح أصول الکافی (صدرا) ؛ ج1 ؛ ص220) هذا الحدیث و ان کان ضعیف السند لوقوع الضعفاء مثل سهل بن زیاد و مفضل بن صالح و غیرهما فى طریقه: الا ان ذلک لا یقدح فى صحة مضمونه، لانه معتضد بالبرهان العقلى، و کذلک کثیر من الاحادیث الواردة فى اصول المعارف و مسائل التوحید و غیره، و قوله: هبط جبرئیل، سنرجع الى معناه فیما بعد ان شاء اللّه تعالى، و تأنیث واحدة و کذا ثلاث و اثنتین باعتبار الخصلة او نحوها، و قوله: انصرفا و دعاه، اى انصرفا عن آدم و دعاه، او انصرفا و دعا العقل لآدم، و قوله: انا امرنا، هذا الامر امر تکوین لا امر تشریع کما فى قوله تعالى: إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ کُنْ فَیَکُونُ (النحل- 40)، و قوله: کُونُوا قِرَدَةً خاسِئِینَ* (البقرة- 65)، و فى هذا الامر لکونه وجودیا بلا واسطة لا یمکن التعصى و التمرد بخلاف الامر بالواسطة، فیجوز فیه الامران، فمنهم من اطاع و منهم من عصى.
- و اعلم یا اخى ان للانسان قوة بها یدرک الحقائق و هى المسماة بالعقل، و قوة بها ینفعل عن ما یرد على القلب و هى المسماة بالحیاء، و قوة بها تقتدر على فعل الطاعات و ترک المنکرات و یسمى بالدین، و هذه الالفاظ الثلاثة کما قد یطلق على هذه المبادى اعنى القوى و الاخلاق، کذلک یطلق على آثارها و الافعال الناشئة منها، فیقال: ان العقل ادراک المعقولات، و الحیاء انفعال القلب عما یرد علیه، و الدین فعل المعروفات و ترک المنکرات، و الحیاء على قسمین: حیاء نشأت من ضعف القلب و قلة الاحتمال لعجزه و هى لیست بممدوحة، و حیاء نشأت من استشعار العظمة و الهیبة، فالاولى حیاء من الخلق و الثانیة حیاء من الحق و هى من محاسن الاخلاق و مکارم الخصال، و لهذا ورد: الحیاء من الایمان.
- و قال بعض العرفاء: الحیاء وجود الهیبة فى القلب مع خشیة ما سبق منک الى ربک. و قال بعضهم: ان العباد عملوا على اربع درجات: الخوف و الرجاء و التعظیم و الحیاء، و اشرفهم منزلة من عمل على الحیاء، لما ایقن ان اللّه یراه على کل حال، فاستحیى من حسناته اکثر مما استحیى العاصون من سیئاتهم و هذه الخصال الثلاث لکل منها ضد، فضد العقل هو الجهل بالمعنى الوجودى، اعنى ادراک الشیء خلاف ما هو علیه، و هو من أسوإ الاخلاق السیئة و افسدها، اذ الکفر شعبة منه، و ضد الحیاء الوقاحة، و ضد الدین الفسق، اذا تقررت هذه المقدمات فنقول:
- فى هذا الحدیث مطالب ثلاثة: احدها وجه الاقتصار على هذه الخصال الثلاث، و الثانى وجه کون العقل هو المختار منها، و الثالث علة استلزامه للاخیرتین.
- اما الاول: فان للانسان قوتین: فعلیة و انفعالیة، و الاولى اذا کانت فاضلة یصدر منها فعل الطاعات و العبادات و یسمى بالدین تسمیة للسبب باسم مسببه، و الثانیة: اما انفعالها بالصور الادراکیة فهى العقل اذا کانت فاضلیة، او بغیرها من الامور الحسیة فهى الحیاء اذا کانت فاضلة.
- و اما الثانى فلا شبهة فى ان العقل اشرف الخصال و اکرمها، اذ به یعرف الحق و یتمیز عن الباطل، و به یکمل الایمان، و یتقرب إلیه تعالى و هو الّذی یحب اللّه و یحبه اللّه.
-
و اما الثالث فلانه اذا حصل العقل استشعر القلب عظمة اللّه و جلاله فلزم منه الحیاء، و اذا حصل العلم باللّه و الیوم الاخر وقعت خشیة اللّه فى القلب لقوله تعالى: إِنَّما یَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ (الفاطر- 28) و اذا حصل الخشیة ایاه و الخوف من عذابه کمل الدین و تم العمل
- (روضة المتقین فی شرح من لا یحضره الفقیه (ط - القدیمة) ؛ ج13 ؛ ص228) «و روی عن أبی جمیلة» کالکلینی ، و یدل على أن العقل یستلزم الحیاء من الله تعالى فلا یعصیه، بل لا یرید إلا الأحسن، و کذا الدین لأن الله تعالى أوضح دلائل الدین لکل عاقل.
- (شرح الکافی-الأصول و الروضة (للمولى صالح المازندرانی) ؛ ج1 ؛ ص78) (عن علیّ علیه السّلام قال هبط جبرئیل علیه السّلام على آدم علیه السّلام) الظاهر أنّ ذلک کان بعد هبوط آدم من الجنّة و بعد قبول توبته (فقال یا آدم إنّی امرت أن أخیّرک واحدة من ثلاث) أی خصلة واحدة من ثلاث خصال (فاخترها و دع اثنتین فقال: آدم یا جبرئیل و ما الثلاث) الظاهر أنّ الواو لمجرّد حسن الارتباط و زیادة الاتّصال لا للعطف (فقال: العقل الحیاء و الدین) العقل هنا قوّة نفسانیّة و حالة نورانیّة بها یدرک الانسان حقائق الأشیاء و یمیّز بین الخیر و الشرّ و بین الحقّ و الباطل، و یعرف أحوال المبدأ و المعاد و بالجملة هو نور إذا لمع فی آفاق النفوس یکشف عنها غواشی الحجب فتتجلّى فیها صور المعقولات کما یتجلّى فی العین صور المحسوسات و الحیاء خلق یمنع من ارتکاب القبیح و تقصیر فی الحقوق، و قال الزّمخشری هو تغیّر و انکسار یلحق من فعل ما یمدح به أو ترک ما یذمّ به و هو غریزة و قد یتخلّق به من یجبل علیه فیلتزم منه ما یوافق الشرع و سیجیء تحقیقه و تحقیق أنّ ما فی بعض الانسان من الکیفیّة المانعة له عن القیام بحقوق اللّه تعالى من الحیاء إن شاء اللّه تعالى. و الدین هو الصراط المستقیم الّذی یکون سالکه قریبا من الخیرات بعیدا عن المنهیّات و هو عبارة عن معرفة مجموع ما یوجب القرب من الرّبّ و العمل بما یتعلّق به الأمر و معرفة مجموع ما یوجب البعد عنه و ترک العمل بما یتعلّق به النهى (فقال آدم إنّی اخترت العقل) لا یقال: اختیاره للعقل لم یکن إلّا لملاحظة أنّ حسن عواقب اموره فی الدارین یتوقّف علیه و إن نظام أحواله فی النشأتین لا یتمّ إلّا به و لا یکون ذلک إلّا لکونه عاقلا متفکّرا متأمّلا فیما ینفعه عاجلا و آجلا، لأنّا نقول: المراد بهذا العقل العقل الکامل الّذی یکون للأنبیاء و الأوصیاء و اختیاره یتوقّف على عقل سابق یکون درجته دون هذا و للعقل درجات و مراتب و قد یقال هذه الامور الثلاثة کانت حاصلة له علیه السّلام على وجه الکمال و التخییر فیها لا ینافی حصولها و الغرض منه إظهار قدر نعمة العقل و الحثّ على الشکر علیها (فقال جبرئیل للحیاء و الدین انصرفا و دعاه) أی انصرفا عن آدم و دعاه مع العقل معه (فقال یا جبرئیل) الظاهر أنّ هذا القول حقیقة بلسان المقال بحیاة خلقها اللّه تعالى فیهما و لا یبعد ذلک عن القدرة الکاملة و قد ثبت نطق الید و الرّجل على صاحبهما و نطق الکعبة و الحجر و غیرهما. و یحتمل أن یکون ذلک مجازا بلسان الحال أو یخلق اللّه سبحانه فیهما کلاما أسمعه جبرئیل و آدم علیهما السّلام کما قد خلق ذلک فی بعض الأجسام الجمادیّة و أسمعه من شاء من خلقه (إنّا امرنا أن نکون مع العقل حیث کان) أی حیث وجد أو حیث کان موجودا، یفهم منه أنّ العقل مستلزم لهما و هما تابعان له، و الأمر کذلک لأنّ بالعقل یعرف اللّه سبحانه و جلاله و جماله و کماله و تنزهه عن النقایص و إحسانه و إنعامه و قهره و غلبته بحیث یرى کلّ جلال و جمال و کمال و إحسان و إنعام و قهر و غلبة مقهورا تحت قدرته مغلوبا تحت قهره و غلبته بل لا یرى فی الوجود إلّا هو فیحصل له بذلک خوف و خشیة یرتعد به جوانحه کما قال سبحانه: «إِنَّما یَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ» و یحصل له بذلک قوّة و ملکة تمنعه عن مخالفته طرفة عین و هذه القوّة هی المسمّاة بالحیاء، ثمّ بتلک القوّة یسلک الصراط المستقیم و هو الدین القویم، و من هاهنا ظهر أنّ الحیاء مستلزم للدین و الدین تابع له، ثمّ جبرئیل علیه السّلام إن کان عالما بکونهما مأمورین بذلک کان قوله: «انصرفا و دعاه» محمولا على نوع من الامتحان لاظهار شرف العقل و نباهة قدره و إن لم یکن عالما کان ذلک القول محمولا على الطلب (قال فشأنکما و عرج) الشأن بالهمزة الأمر و الحال و القصد أی فشأنکما معکما أو ألزما شأنکما، و هذا الحدیث و إن کان ضعیفا بحسب السند لکن صحیح المضمون، و کذا الحدیث الآتی مع ضعفه بالارسال أیضا لاعتماده بالبرهان العقلیّ و کذلک کثیر من الأحادیث الواردة فی الأحکام العقلیّة من أصول المعارف و مسائل التوحید.
- (الوافی ؛ ج1 ؛ ص81) فشأنکما أی أنتما و شأنکما یعنی إن الأمر إلیکما فی ذلک و الغرض من الحدیث التنبیه على استلزام العقل للحیاء و الدین و تبعیتهما له
-
(مرآة العقول فی شرح أخبار آل الرسول ؛ ج1 ؛ ص32) قوله صلى الله علیه و آله و سلم: هبط جبرئیل، الظاهر أن آدم علیه السلام حین هبوط جبرئیل علیه کان ذا حیاء و عقل و دین، و الأمر باختیار واحدة لا ینافی حصولها على أنه یحتمل أن یکون المراد کمال تلک الخلال بحسب قابلیة آدم علیه السلام و قول جبریل علیه السلام للحیاء و الدین بعد اختیار العقل: انصرفا لإظهار ملازمتها للعقل بقولهما: إنا أمرنا أن نکون مع العقل، و لعل الغرض من ذلک أن ینبه آدم علیه السلام على عظمة نعمة العقل، و یحثه على شکر الله على إنعامه.
- قوله:" فشأنکما" الشأن بالهمزة: الأمر و الحال، أی ألزما شأنکما أو شأنکما معکما، ثم إنه یحتمل أن یکون ذلک استعارة تمثیلیة کما مر أو أن الله تعالى خلق صورة مناسبة لکل واحد منها، و بعثها مع جبرئیل علیه السلام و الحیاء صفة تنبعث عنها ترک القبیح عقلا مخافة الذم، و المراد بالدین التصدیق بما یجب التصدیق به و العمل بالشرائع، و النوامیس الإلهیة، و المراد بالعقل، هنا ما یشمل الثلاثة الأول.
- (بحار الأنوار (ط - بیروت) ؛ ج1 ؛ ص86) الشأن بالهمز الأمر و الحال أی الزما شأنکما أو شأنکما معکما و لعل الغرض کان تنبیه آدم ع و أولاده بعظمة نعمة العقل و قیل الکلام مبنی على الاستعارة التمثیلیة و یمکن أن یکون جبرئیل ع أتى بثلاث صور مکان کل من الخصال صورة تناسبها فإن لکل من الأعراض و المعقولات صورة تناسبه من الأجسام و المحسوسات و بها تتمثل فی المنام بل فی الآخرة و الله یعلم.
-
(کنز الفوائد ؛ ج1 ؛ ص56) مسألة إن سأل سائل فقال کیف یحسن مخاطبة الحیاء و الدین و کیف یصح منهما النطق و هما داخلان فی باب الأعراض التی لا تقوم بأنفسها و لا تصح الحیاة و النطق منهما. الجواب قیل له هذا مجاز من القول و توسع فی الکلام و المعنى فیه أنهما لو کانا حیین قائمین بأنفسهما تصح المخاطبة لهما و النطق لکان هذا حکمهما و المحکی عنهما جوابهما.
- ۰۳/۱۰/۲۴